في رثاء العلامة ابن عدود

غاب الفطحل
ما للفؤاد مصابًـا فيـه أوصـاب
ماذا دهى الكون؟ كل الكون يرتاب
أسبلتَ دمعـك منسابـا ومنهمـرا
يخضلُّ منه الحصى، تبتلُّ أثـواب
كل الدروب تراها العيـن مظلمـة
يجتالها أسـف، والنـاس أغـراب
غاب الفِطَحل ابنُ عدودٍ فـأنَّ لـه
في كل مصـر تلاميـذ وأحبـاب
ماذا أقول، وفيـه الأمـر مجتمـع
علامـة حافـظ فــذ ونـسـاب
الحبر والبحر، من طابت سريرته
قد غاله الموت، إن الموتَ غلاب!
تبكي السماء وتبكي الأرض، تندبه
مــآذن ومحـاريـب وأبــواب
تبكي الفصاحة، تبكي الضاد أجمعها
ودمعهـا فيـه إسهـاب وإطنـاب
تبكيه الَانعام والأَعراف فـي ألـم
تبكيه في الليلة الظلماء الَاحـزاب
تبكيه من مشكلات الفقـه شـاردة
وعينها من معين الدمـع ميـزاب
تبكيه أم القـرى، تبكـي سميَّتُهـا
تبكيه فـي طيبـةَ الغـراءِ ألبـاب
رحلتَ يـا عبقريـا زانـه كـرم
جـمٌّ، وحـلـم وأخــلاق وآداب
رحلتَ، والكلمات البيـض خالـدة
كأنها من صفاء الـروح تنسـاب
هل أنت مِشعل نور فـي توهجـه
عنه الحنادس والظلمـاء تنجـاب
أم أنت أنشـودة مـا زال يحملهـا
من (الأجمِّ) إلـى بغـداد زريـاب
قـد لقبـوك بأسـمـاء منـوَّعـة
وكنت تكره مـا توليـه الالقـاب
حييتَ يا علما عند (الأجمِّ) ثـوى
في جنبه من بحور العلـم أقطـاب
مشايخ الأرض من أفنـان دوحتـه
فكلهم في رحـاب الشيـخ طـلاب
سلمتِ أمَّ القرى، إذ كنـت معدنَـه
وبوركتْ منك صحـراء وكُتَّـاب
صبرا جميـلا، فـإن الله يُسكنـه
دارا بها عـرُبٌ عِيـن وأكـواب

بقلم : مولاي بن حمين الشنقيطي

0 التعليقات:

إرسال تعليق