الرق بين التوكل والتواكل

التوكل والتواكل:
التوكل على الله خلق عظيم من أخلاق الإسلام ، وهو من أعلى مقامات اليقين وأشرف أحوال المقربين وهو نظام التوحيد وجماع الأمر ، ومنزلته أوسع المنازل وأجمعها وهو مفتاح كل خير ، وعبادة من أفضل العباداتتعريف التوكل :هو الاعتماد على الله -سبحانه وتعالى – في حصول المطلوب ودفع المكروه مع الثقة به وفعل الأسباب المأذون فيها ولا بد من أمرين :الأول : أن يكون الاعتماد على الله اعتمادا صادقاً حقيقياً . الثاني : فعل الأسباب المأذون فيهافمن جعل أكثر اعتماده على الأسباب ، نقص توكله على الله ويكون قادحا في كفاية الله ومن جعل اعتماده على الله ملغياً للأسباب فقد طعن في حكم الله ، لأن الله جعل لكل شيء سببا والله حكيم يربط الأسباب بمسبباتهاالتوكل والأخذ بالأسباب :لابد هنا من لفت الانتباه إلى ثلاثة أمور:الأمر الأول: أنّ التوكل لا ينافي أخذ الأسباب . فعن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال: قال رجل: يا رسول اللّه أعقلها وأتوكّل، أو أطلقها وأتوكّل؟ -لناقته- فقال صلى الله عليه وسلم: «أعقلها وتوكّل» سنن الترمذي.الأمر الثاني: تتخذ الأسباب وإن كانت ضعيفة في نفسها ولذلك أمر الله تعالى أيوب عليه السلام أن يضرب الأرض برجله بعد أن دعا لمرضه، وهل ضربة الصحيح للأرض منبعة للماء؟ لا، ولكن الله يريد أن يعلمنا أنه لابد من اتخاذ السبب ولو كان ضعيفاً، فالأمر أمره، والكون كونه، ولكن لابد من فعل الأسبابالأمر الثالث: أن لا يعتمد عليها، وإنما يجعل اعتماده على الله تعالى.ابذل السبب ولو كان يسيراً، واعلم أنّ الله هو مسبب الأسباب، ولو شاء أن يحول بين السبب وأثره لفعل سبحانه، ولذا لما أُلقي إبراهيم في النار لم يحترق لأن الله قدر ذلك، وإسماعيل عليه السلام لما أمرَّ أبوه السكين على عنقه وهي سبب في إزهاق الروح لم تزهق روحه لأن الله لم يأذن في ذلك.فلا يعتمد إلا على الله، وتتخذ الأسباب، لأن الله يقدر الأمور بأسبابهاأهمية التوكل و منزلته من العقيدة والإيمان والسلوك:لاشك أن المؤمن حينما يتوكل على الله ويفوض الأمر إليه يشعر بأنه يأوي إلى ركن شديد فلا يخش أحد ، فالتوكل بالنسبة للنفس والروح كالطعام بالنسبة للجسد لا حياة لها إلا به .والتوكل فريضة يجب إخلاصه لله تعالى وعقيدة إسلامية لقوله تعالى(وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين) فإن تقديم المعمول يفيد الحصر : أي وعلى الله فتوكلوا لا على غيرهوهو من سمات المؤمنين الصادقين قال تعالى( إنما المؤمنون الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم وإذا تليت عليهم آيته زادتهم إيماناً وعلى ربهم يتوكلون.قيل لبعض الحكماء : ما الفرق بين اليقين والتوكل؟ قال: أما اليقين فهو أن تصدق الله بجميع أسباب الآخرة ، والتوكل أن تصدق الله بجميع أسباب الدنياوقيل : من طعن في الاكتساب فقد طعن في السنة ، ومن طعن في التوكل فقد طعن في الإيمانالتوكل في القرآن الكريم :أمر الله بالتوكل عليه ،ففي بعض الآيات كان الأمر من الله لأنبيائه والبعض الآخر لعموم المؤمنين ومن أمثلة ذلك: " فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ " " وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ " وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ "
التوكل في السنة النبوية :كان النبي صلى الله عليه وسلم من أعظم المتوكلين , ومع ذلك كان يأخذ بالأسباب ، فكان يأخذ الزاد في السفر ، ولما خرج إلي أحد ظاهر بين درعين ، أي لبس اثنين ولما خرج مهاجرا اخذ من يدله الطريق ولم يقل سأذهب مهاجراً وأتوكل على اللهعن عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" لو أنكم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا خماصاً وتروح بطاناً "درجات التوكل:ويمكن اعتبار درجاتٍ للتوكل كما يلي :- الأولى : أن يكون المتوكل حاله في حق الله سبحانه والثقة بكفالته وعنايتهكحاله في الثقة بالوكيل( هذا توكل العامة- الثانية: حال المتوكل مع الله تعالى كحال الطفل مع أمه فإنه لا يعرف غيرها ولا يفزع إلى أحد سواها ولا يعتمد إلا إياها والفرق بين هذه الدرجة والأولى أن هذا متوكل وقد فني في توكله عن توكله إذ ليس يلتفت قلبه إلى التوكل وحقيقته ، بل إلى المتوكَل عليه فقط وهي أقوى من الأولى3- الثالثة: أعلاها ، وتكون باستسلام القلب لله وانجذاب دواعيه كلها إليه وقطع منازعته ، ويكون بين يدي الله تعالى في حركاته وسكناته مثل الميت بين يدي الغاسل لا يفارقه وهذا توكل الخاصة.ثمار التوكل :1_ طمأنينة النفس وارتياح القلب وسكونه2_ كفاية الله المتوكل جميع شئونه: لقوله تعالى (ومن يتوكل على الله فهو حسبه)3_ يورث محبة الله تعالى للعبد لقوله تعالى (إن الله يحب المتوكلين)4- يورث قوة القلب وشجاعته وثباته وتحديه للأعداء ويورث القوة الروحية لحديث (ومن سره أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله…) رواه ابن أبي حاتم5 - يورث الصبر والتحمل6_ يورث النصر والتمكين7_ يورث الرزق8_ يطرد داء العجب والكبر9_ يطرد التطير والأمراض القلبية كالتشاؤم ولبس الحلقة والخيط10_ يورث الرضا بالقضاء . قال ابن القيم: فإنه إذا توكل حق التوكل رضي بما يفعله وكيله11_ الثقة بالله وعدم اليأسعوائق التوكل:1 - الجهل بمقام الله من ربوبية وألوهية وأسماء وصفات2- الغرور والإعجاب بالنفس3- الركون للخلق والاعتماد عليهم في قضاء الحاجات4- حب الدنيا والاغترار بها مما يحول بين العبد والتوكل لأنه عبادة لا تصح مع جعل العبد نفسه عبداً للدنيا.التوكل لا يكون إلا على الله:يسوغ: لولا الله ثم فلان إن كان فلان سبباً، وليس يجوز: توكلت على الله ثم عليك، وأقبح منه: توكلت على الله وعليك، فإن الله تعالى يقول: {وَما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ}، {أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلً}، وقال: {وعلى الله فليتوكل المؤمنون}، وتقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر.فالاستعانة بغير الله فيما يقدر عليه لا شيء فيها، أما التوكل فعل القلب لا يكون إلا على الله تعالى، أسأل الله العلي أن يملأ قلوبنا بالاعتماد عليه.تعريف التواكل :هو ترك الكـسـب والطمع في المخلوقين والاعتماد عليهم بالتخلي عن الأسباب التي وضعها الله عز وجل والانقطاع عن السعي والتقاعد عن العمل وانتظار النتائج من الخلق أو القدر أو الاتكال على الله أن يخرق له العوائد .والتواكل خسة همة وعدم مروءة لأنه إبطال حكمة الله التي أحكمها في الدنيا من ترتب المسببات على الأسباب.ولقد حارب الإسلام التواكل وحذر منه ، وهو حرام ليس من الشرع أصلاً وهو مخالف للنصوصالفرق بين التوكل والتواكل :التوكل والتواكل صفتان من الصفات الخلقية ، أولهما محمودة والثانية مذمومة وقد خلط بينهما كثير من الجهال مع أن الفرق واضح جلي لمن أخلص في عبادته لربه ويظهر ذلك من خلال القرآن الكريم وسنة الرسول صلى الله عليه و سلم ومنهجه القويم. وقد سبق تعريف التوكل بأنه توكل على الله مع الأخذ بالأسباب . والتواكل : هو ترك الأسباب وعدم بذلها .إن الإسلام يقر التوكل ويرضي عنه ويدعو إليه وقد ذكر الله عنه أنه من صفات المؤمنين بل أنه من شروط الإيمان بالله ، أما التواكل فلا يقره الإسلام ولا يرضاه ويهدم تعاليم الدين ، لأن الله أمر بالأخذ بالأسباب في كتابه العزيز وتؤيد ذلك السنة، والتواكل هو العجز والكـسـل والخمول .

0 التعليقات:

إرسال تعليق